بحث هذه المدونة الإلكترونية

2012/02/17

الداعية المتشدد وجدي غنيم: غير مرغوب فيك بيننا

"لا مكان لوجدي غنيم بيننا، تونس بلد الاعتدال والأصالة وليست بلد طيور الظلام" بمثل هذا الشعار وغيره انتفضت فئة واسعة من الشعب التونسي رافضة للزيارة التي قام بها الداعية المصري المتشدد وجدي غنيم، وقد اشتدت موجة الرفض والتنديد بهذه الزيارة غير المرغوب فيها خاصة عندما استفز هذا الداعية جمعا غفيرا من المواطنين الذين رددوا النشيد الوطني في محافظة المهدية في بهو احد المساجد بالمدينة، حيث رد عليهم الداعية بقوله "موتوا بغيظكم" مضيفا بطريقة تعبوية قائلا "تونس إسلامية وليست علمانية". زيارة هذا الداعية المتشدد تأتي في الوقت الذي تعاني فيها البلاد موجة برد غير مسبوقة أبانت عن واقع اجتماعي واقتصادي وإنساني مترد، وتأتي في الوقت الذي تشهد فيه الحكومة المؤقتة انتقادات واسعة بسبب طردها للسفير السوري بتونس، وهي استضافة نظمتها أربعة جمعيات جديدة، بزغت فجأة اثر الثورة التونسية، هي جمعية الإيثار والدعوة الإسلامية وجمعية بشائر الخير وأكاديمية دار الحديث بتونس وجمعية الفرقان لتعليم القرآن، وهي جمعيات مثلما تدل على ذلك أسماؤها لا تنتمي إلى المجتمع المدني بقدر ما تنتمي إلى "مجتمع ديني مكتمل الملامح"، وقد سبق أن استضافة جمعيات مماثلة الداعية المصري عمرو خالد الذي عُرف باستفزازه المتواصل للمجتمع التونسي وتحرر المرأة فيه ومنسوب الحريات المكتسبة. دعوة غنيم استمرت أربع أيام (من 11 إلى 14 فيفري الجاري) وقدم خلالها ست "محاضرات" في مساجد توزعت بين تونس العاصمة ومحافظتي سوسة والمهدية ومدينة الحمامات السياحية. والى جانب الحركات الاحتجاجية التي نفذها عدد من المواطنات والمواطنون أمام المساجد التي ألقى فيها هذا الداعية "محاضراته"، والى جانب الجدل الواسع القائم على الصفحات الاجتماعية، تعددت المواقف الرافضة لهذا الداعية ولغيره من الدعاة المشارقة المتشددين في قراءتهم للإسلام ولدوره الحضاري، ومن بين المواقف التي عبرت عن رفضها المطلق لمثل هذه الاستضافات موقف مفتي الجمهورية التونسية الشيخ عثمان بطيخ، حيث اعتبر المفتي أن الداعية مجدي غنيم مثله مثل عمرو خالد هما ظاهرتان فضائيتان، مرجعا "هجمة" الداعية غنيم على الإسلام في تونس مرده أساسا أن منابع الزيتونة قد جفت في العقود الأخيرة وأن عددا من المشائخ والعلماء قد رحلوا، وهو ما فسح المجال لظهور دعاة متشددين لا يعملون إلا على إثارة الفتن، مشيرا إلى أن الاختلاف في الرأي والتعدد في الاجتهاد مرده أساسا العرف والقياس والمصلحة العامة والاستحسان وسد الذرائع على أن يبقى الاجتهاد منضبطا للقرآن والسنة والمقاصد الشرعية العامة، وان زاغ عنهم فهو يعد ضربا من ضروب العبث ولا يصدر إلا عن "جاهل بالشريعة وبأصولها". مع العلم أن وزارة الشؤون الدينية لم تكن بعلم بهذه الاستضافة ولا بتلك التي تعلقت بعمرو خالد، وقد أصدرت الوزارة بيانا عبرت فيه عن موقفها الرافضة لمثل هذه الزيارات. كما كان موقف الشيخ عبد الفتاح مورو، أحد قياديي النهضة سابقا ورئيس قائمة "طريق السلامة"، موقفا واضحا من هذه الاستضافة، حيث لاقى تصريحه للتلفزة التونسية استحسانا كبيرا من طرف المواطنين ورواجا لموقفه على الصفحات الاجتماعية، وقد أكد في تصريحه على هؤلاء الدعاة ومنهم (غنيم وخالد) يريدون إسقاط قراءاتهم على الواقع التونسي الذي يختلف تماما عن واقع دولهم (مصر بالخصوص) وخاصة فيما تعلق بختان البنات الذي يدعو له وجدي غنيم، أما فيما اعتبره الداعية المصري من أن الديمقراطية حرام فقد كان رد الشيخ عبد الفتاح مورو واضحا إذ أن الديمقراطية هي آلية من آليات التسيير المدني بين المواطنين وهي لا تتعارض مطلقا مع الإسلام، كما كان رد مورو على غنيم فرصة لدعوة الشباب السلفي بتونس إلى تغليب قيم التسامح والحوار والكف عن العنف وقمع الآخر، داعيا إياهم إلى الالتفات إلى واقعهم الاجتماعي والاقتصادي المتردي. ومن جهة أخرى رفعت الحقوقية والمناضلة النسوية المحامية بشرى بالحاج حميدة قضية ضد وجدي غنيم وضد الجمعيات التي استضافته إلى تونس، مضمنة في عريضة دعواها تهما لهذا الداعية بالتحريض على العنف والبغضاء والكراهية والجهاد تحت مظلة الدين وتكفير المعارضين وترويج أفكار غريبة عن المجتمع التونسي كختان البنات. وقررت المحامية بشرى بالحاج حميدة القيام بمسائلة سياسية لكل من رئيس الجمهورية المؤقت ورئيس الحكومة ورئيس المجلس التأسيسي اعتمادا على فصل قانوني يمنع استخدام المساجد لغير الصلاة. وجدي غنيم الداعية المتشدد، ورغم أن العديد من "أنصاره" قد تابعوا دروسه الدينية، فقد كانت زيارته غير مرغوب فيها ونددت بها العديد من الأوساط الدينية والحقوقية مذكرين بطرده من انقلترا بتهمة التحريض على الإرهاب.