بحث هذه المدونة الإلكترونية

2009/03/25

10 مليون سؤال عن السينما التونسية



لو استوقفنا عشرة ملايين مواطن تونسي ومواطنة تونسية وسألناهم عن حال السينما التونسية لتحصلنا على عشرة مليون سؤال ونقطة استفهام مختلفة بشأن واقع هذا القطاع الذي يمثّل العمود الفقري للمشهد الثقافي عموما في بلادنا...

فمنهم من سيسأل عن قلة الإنتاج السينمائي ومنهم من سيطرح سؤاله عن انحسار السينما التونسية في خانات معلومة سلفا لم تخرج عن الجنس منذ أول الأعمال، ومنهم من سيضع نقطة استفهام كبيرة أمام قلة قاعات العرض وصغر حجمها، ومنهم من سيسأل عن تهميش نوادي السينما وجامعتها وعن النقد السينمائي وقلته إن لم نقل ندرته...

ومنهم من سيلاحظ ارتهان قطاع السينما لدعم وزارة الثقافة الذي تُثار بشأن توزيعه وقيمته آلاف الأسئلة، وسنسأل عن ذهنية المعلقات الاشهارية وعن التقنيات المتوفرة لدى سينمائيينا وعن هروب اغلب مخرجينا الى العمل المشترك أو استجداء الإعانات المادية من فرنسا وبلجيكا وغيرها من الدول التي تشترط علينا ما يُرضي نزعتها الاستعلائية...

سنسأل عن نفور المتفرج التونسي من الأفلام الوطنية، وسنسأل عن غلاء أسعار تذاكر الدخول لقاعات السينما، وعن كيفية إدراج الأفلام وتوزيعها داخل القاعات...

سنسأل عن حقوق السينمائيين أمام تكالب أصحاب محلات نحت الأقراص... سنسأل عن صمت وزارة الإشراف أمام تحول قاعة سينما الى محل لبيع الملابس المستعملة والكائنة بساحة العملة... وأخرى لا نعلم إلى أي صنف تجاري ستؤول، وقاعات بحلق الوادي أكلها الصديد والنسيان الأبدي...

سنسأل عن الدعم الإعلامي والاشهاري الغائب تماما في مؤسساتنا الإعلامية بخصوص الإنتاج السينمائي فهذا الإشهار، وعلى أهميته القصوى في جلب المشاهد، لا تزال تلفزاتنا وإذاعاتنا وصحفنا تتعامل معه كحدث عارض أو كخبر عادي في حين تخصص في مصر مثلا شركات وأموال وطاقات فقط لتأمين إشهار الأفلام على القنوات التلفزية وفي الصحف والإذاعات والمواقع الالكترونية.

سنسأل وسنسأل مليون سؤال بل قل عشرة ملايين سؤال وسؤال بشأن راهن السينما التونسية ومستقبلها...

مستقبل السينما التونسية، والذي سيظل ضبابيا، هلاميا، غير واضح المعالم، مادمنا نفتقد لإستراتيجية بعيدة المدى تقف على هنات وسلبيات السينما، المادية والمعنوية... سيظل مستقبلها عائما مادمنا نخطط لمهرجان قرطاج السينمائي في مدة شهر واحد آو اثنين قبل انطلاق الدورة... بل قل إننا لم نخطط لمثل هذا المهرجان إذ يكفي فقط أن نذكر أن هناك من القاعات المبرمجة لاحتضان أفلام الدورة لم تصلح مقاعدها لاستقبال الجمهور!!

إن تواتر بعض الفعاليات السينمائية في بلادنا لا يجب أن يحجب عن أعيننا مثل هذه الأسئلة الحارقة، فالمقعد المعطب وغياب الإشهار وقلة الدعم وشروط الإنتاج المشترك وقلة القاعات وضيقها... و... و... كل هذه الأمور علينا أن نقف أمامها ونعاينها بجدية لنتدبر أشكال تفاديها والخروج من جاذبيتها التي تشد السينما التونسية الى الوراء مقارنة بمثيلاتها من السينما السورية واللبنانية والمغربية والمصرية والإفريقية... وأعتقد أن الذهنية الثقافية / الثقافية لا الإدارية هي وحدها القادرة على طرح بديل أو لنقل حلولا جذرية لراهن السينما التونسية فلربما اتضحت بعض معالم مستقبلها وعلى الأقل في السنوات القليلة القادمة، فالسينما ليست ترفا ثقافيا، بقدر ما تمثل بصمة حضارية تساهم في تشكيل ملامح الهوية الوطنية والقومية أيضا مثلما نجحت في ذلك الى حد بعيد السينما الإيرانية وسينما أمريكا اللاتينية... وغيرها من الدول التي تؤمن بالسينما كرافد من روافد بناء مجدها...