بحث هذه المدونة الإلكترونية

2009/03/11

بعلٌ ولو بغلٌ: زعزة مُريبة لمؤسسة الزّواج


حشد لا نهائي من متواليات العدم تلك التي رصّفها الدكتور الطاهر الهمامي ضمن مؤلفه الموسوم بعنوان مستفزّ «بعلٌ ولو بغلٌ» وهو تركيب يدك مسلماتنا وثوابتنا تجاه مؤسسة الزواج لا التقليدية فقط وانما ايضا تلك التي انبنت على أرضية التوافق الثقافي وعلى الالتقاء الايديولوجي، وقد اردف الكاتب مؤلفه بعنوان فرعي «نبش في المسكوت عنه من واقع مؤسسة الزواج»... فمؤسسة الزواج التي قامت على اساس التملك والسيطرة بتاريخها الاستعبادي تبدو اليوم مؤسسة هشّة لقيامها على اقنعة الحيل كالكذب والنفاق والتضحية غير المتبادلة وهو ما ساهم في خرابها ونسب الطلاق والعزوف عن الزواج شاهدة على ذلك..

ضمن هذا المؤلف اشتغل الدكتور الطاهر الهمامي على سبر اغوار علل مؤسسة الزواج التونسية تحديدا والعربية عموما حيث وقف على كوابح الشدّ الى الوراء وأهمها القيود الدينية وأيضا الاقنعة المدنية مشدّدا على ضرورة انجاز ثورة ثقافية عاتقة للاذهان من شأنها ان تحطم آخر قلاع المؤسسات القمعية وهي مؤسسة الزواج...
متن الكتاب حاول أن يُحيط بمختلف جوانب مؤسسة الزواج بدءا من غياب الصداقة ومرورا بلعبة الغدر والمكر من خلال النصوص المؤسسة والطقوس المتبعة وصولا الى الجنس والاغتصاب، كما طرح الكاتب ضمن هذا الكتاب مشروع عقد قران جديد.
وفي قراءة أولى لهذا المنجز الذي يصعبُ تصنيفه، هل هو بحث «سوسيولوجي» أو قراءة انتروبولوجية أم كتاب في الفكر الاصلاحي ام جملة من الخواطر والآراء الشخصية، في قراءة لهذا الكتاب أعتقد أن الدكتور الطاهر الهمامي وقع في جملة من المصادرات والافكار العامة والفضفاضة التي حامت حول مسألة الزواج وعلاقة الذكر بالأنثى ولئن تُحيل جملة من المداخل والمصطلحات التي استند إليها الكاتب إلى جملة من المدونات الفكرية الاّ ان الكاتب لم يتعمق بشكل مقنع في الوقوف على ما تطرحه من مواقف وآراء... وظل رهين بعض الانطباعات في أكثر من موقع.
الكتاب أيضا ينهض على قدر كبير من اثارة عدد من الحساسيات الثقافية والفكرية وخاصة الحركة النسوية من خلال ما يقدّمه من معطيات تدكُ «الافق التقدّمي» الذي «توهمت» الحركات التقدمية أنها تكاد تلامسه بعد مسيرة نضالية قاربت نصف قرن وهي التي وقعت بدورها في شرك المؤسسة الزوجية مثلما بين ذلك الكاتب ضمن فصل «مناضلون في فخ.. مناضلات» وفصل «مناضلات في فخ مناضلين»...
كما يقدّم الطاهر الهمامي تصوّرا أو مشروعا لعقد قران جديد يواكب مقتضيات العصر فصّله الكاتب ضمن 10 فصول أوّلها المساواة في الحقوق وثانيها روح الصداقة وثالثها الشراكة الفعلية ورابعها الكرامة وأيضا التواصل الثقافي وممارسة النقد والنقد الذاتي...
اجمالا، الكتاب وعلى صغر حجمه، قد يثير، كما ارتأى كاتبه، جملة من النقاشات ونقاط الاستفهام من أكثر من جهة، خاصة أصحاب الفكر التقليدي المستكين وحاملي الفكر الجدلي اصحاب الافق التقدّمي باعتبار أن متن المنجز ينهض على هتك جل التصوّرات والتقييمات التي طالت مؤسسة الزواج.