بحث هذه المدونة الإلكترونية

2009/02/24

مسجد لكل مواطن

لا نراهن على وقع العنوان المثبت أعلاه لهذه التدوينة العابرة لشد القارئ، وإنما نسعى من خلال هذه الأسطر الافتراضية إلى لفت انتباه اكبر عدد ممكن من الناس لظاهرة خطيرة باتت تنهش المجتمع التونسي من عاصمته إلى أطراف أطرافه ونعني بها ظاهرة جمع التبرعات من أجل المساهمة في بناء بيوت الله من قبل شيوخ يتناثرون صباحا مساء في كل الأزقة والأنهج الفرعية والرئيسية وفي الحافلات والميتروات وخاصة أمام المساجد والجوامع كامل أيام الأسبوع وطبعا يتضاعف عددهم يوم الجمعة.

طبعا أولئك الناس لا يوزعزن التذاكر من محض ارادتهم او تبرعا وانما تقف وراءهم دوائر منظمة يهمها ان تتناسل المساجد لتُحكم المراقبة بميقات الصلوات الخمس...غير أن سؤالي عن هوية تلك الدوائر يدخلني في دوامة لا مخرج منها ولا يشغلني بقدر ما تشغلني أسئلة أخرى أسوقها إلى القارئ العزيز عله يجد إجابة عنها.

كيف تبنى بيوت الله و الناس بلا بيوت تأويهم... اطفال مشردون... عائلات باسرها تسكن فوق السطوح... ..شبان مؤهلون للزواج مع وقف التنفيذ... كراءات وكراءات....

ثم كيف تراها تبنى بيوت الله بأموال مسلولة من ريقنا وعرقنا اليومي بفضل روح التضامن المتأججة على ما يبدو في صدور مواطني هذا البلد السعيد في حين تزدحم شرايين العاصمة بأمهات عزباوات وأطفال الشوارع ومهمشين وفقراء ...

أليس من الاجدر ان نوفر تلك الاموال إذا لبناء بديل مجتمعي حقيقي كأن تبنى بها مآو لهذه الفئات التي ما فتئت تتسع باطراد منذ سنوات بفعل الخيارات الاقتصادية وتراجع توظيف الضرائب لحل مثل هذه المشاكل.
ثم كيف تراها باموالنا تبنى بيوت الله ونحن تنظم من أجلنا المهرجانات الصيفية في كل مدينة وكل قرية منسية فيستلذ بها ابناء الشعب الكريم دون ان تخصص لتلك المهرجانات الفضاءات اللائقة أليس من الأجدر إذا أن نخصص تلك الأموال لبناء بديل ثقافي حقيقي كأن يبنى مسرح في كل قرية وسينما في كل مدينة...

المساجد وعلى ما توفره من طمأنينة لروادها تغلق بميقات وتفتح بميقات فلن تأوي تلك المشردة بطفليها في محطة المترو ولن تحمي ابنيها من برد الشتاء ولن توفر لهم الزاد الثقافي والفكري الذي يلزمهم ...

قد أدركنا بتفاقم الفقر والبطالة والتشرد أننا منذورون للريح وعلينا ان نستل من قوتنا لبناء غدنا فعلى الأقل فلنوفر ما نستله من أجل ترميم ما تبقى من بنياتنا الداخلية والمعنوية ومن أجل إنقاذنا نحن فيه من تخلف حضاري وعلمي وثقافي.

نعم رحل الرومان وعلى الرغم من الأذى الذي ألحقوه بهذه الأرض تركوا مسارح عظيمة لم تلحقها يد ألاف السنين وعشرات القرون ومن مجد مسارحهم تلك لا تزال تغذي نخوتنا الإنسانية.

فكرة وكتابة ناجي الخشناوي ويسرى فراوس