بحث هذه المدونة الإلكترونية

2009/02/14

ديكتاتورية هوغو شافيز؟


يُعرف الاستفتاء على أنه إدلاء مجموعة من الناس بأصواتهم في مسألة معينة تخصهم، ويُعْطَى كل الناخبين في البلد أو الإقليم فرصة للاقتراع على سياسة الحكومة أو على قانون جديد مقترح. وفي الاستفتاء، يوضِّح المقترعون عما إذا كانوا يوافقون أو لا يوافقون على الاقتراح، وتُستَخْدَم الاستفتاءات في عدة بلدان، ويمكن أن تكون لها أنماط كثيرة من تغيرات في الدستور إلى تحديد الحدود الوطنية، وتختلف القواعد التي يتمُّ الاستفتاء وفقًا لها من بلد إلى آخر.

كما يمكن أن يكون الاستفتاء اختياريًا أو يكون إجباريًا في بعض البلدان مثل أستراليا وفي بلدان أوروبية مثل أيرلندا وفرنسا وسويسرا، إذ يمكن أن يتم الاستفتاء الاختياري للحصول على الموافقة على تشريع سبقت إجازته لكن بشرط أن يطلبه عدد محدد من الناخبين في هذا البلد، في حين أن الاستفتاء الإجباري هو ذلك الاستفتاء الذي يجب على المقترعين أن يوافقوا بمقتضاه على القانون المُزْمَع العمل به قبل أن يصبح ساري المفعول.

ومن أشهر الاستفتاءات ذاك الذي صوت بمقتضاه نحو 40 بالمائة (2 مليون) من السويسريين لإلغاء الجيش الوطني سنة 1989 أو ذاك الذي حصل في أيرلندا عام 1983 حيث وافق الناخبون على إجراء تعديل دستوري لحظر الإجهاض... أما أهم استفتاء، في تقديري الشخصي، فهو ذاك الذي قضى على النظام الإقطاعي في بوليفيا عندما وافق 62 بالمائة من الشعب على نزع ملكية الأراضي التي تتجاوز مساحتها 5000 هكتار، وتوزيعها علي الريفيين وأغلبهم من فقراء شعوب الأرض الأصلية، وامتلاك الشعب للموارد الطبيعية.

وغير بعيدا عن بوليفيا، وتحديدا في فنزويلا، هاهو الرئيس المنتخب ديمقراطيا سنة 1999 هوغو شافيز يُقدم على فرض استفتاء شعبي في بلاده من اجل أن يبقى على سدة الحكم لأجل غير مسمى، ومراقبة وسائل الإعلام لدى اندلاع الأزمات، وفي حال إعلان الطوارئ، والسماح له بالسيطرة على احتياطيات فنزويلا من العملة الأجنبية، وتعيين موالين له فوق المسؤولين الإقليميين المنتخبين وعدة امتيازات أخرى بعد أن اقترح إدخال ثلاثة وثلاثين تعديلا على الدستور، في حين اقترحت الجمعية الوطنية، التي يسيطر عليها أنصاره، ستة وثلاثين تعديلا إضافيا... (قالو بيكش والا نزيد عليك).

وجاءت خسارة شافيز للاستفتاء بهامش ضئيل، حيث صوّت 51 بالمائة، من بين أكثر من تسعة ملايين ناخب توجهوا إلى صناديق الاقتراع، ضد التعديلات الدستورية...

إن الخطوة التي أقدم عليها الرئيس الفينزويلي هوغو شافيز بالنتائج التي تمخضت عنها وأيضا بما شابها من الاضطرابات التي أتاها الطلاب في جامعات كاراكاس بالخصوص والتحركات المعارضة للاستفتاء في أغلب مناطق فينزويلا والتي أطلق فيها الرصاص الحي (ملا ديمقراطية) كلها تضعنا أمام سؤالين لا ثالث لهما، أو استنتاجين وحيدين، الأول لماذا أقدم شافيز على مثل تلك الخطوة؟ ألم يكن له أن يكون مثل نيلسون مانديلا مثلا أو سلفادور الليندي أو سينغور أو غيرهم... فاستمرار النظام الاشتراكي في فينزويلا لا يعني بتاتا بقاء شخص شافيز في سدة الحكم لكن اصراره على الحكم إنما هو تكريس للحكم الفردي ولشخصنة النظام.

أما السؤال الثاني فهو يتعلق بنتائج الاستفتاء، فرغم ما حف بها من احتجاجات غذتها، حسب شافيز، المخابرات الأمريكية خوفا من النظام الاشتراكي، إلا أنها أثبتت مرة أخرى أن هذا الرجل يستحق أن يكون رئيسا لبلاده وأمينا على ثرواتها... فقد أثبتت مرة أخرى النتائج ديمقراطية الاستفتاء وشفافيته في فينزويلا وهو ما يمنحها الشرعية على عكس ما تعيشه الحكومات الاستبدادية التي تفوز في انتخاباتها واستفتاءاتها بنسب خيالية دائمة.