بحث هذه المدونة الإلكترونية

2008/10/03

ذاكرة المحو الدرامية


حفظ الذاكرة من أمر صاحبها واتلاف حياتها واخماد نبضها كذلك من صنعه هو، وصاحب الذاكرة قد يكون فردا كما يمكن ان يكون مؤسسة، وكذلك هما الاثنان معا يشكلان ما يسمى الذاكرة الجماعية لشعب ما أو أمة ما.والذاكرة هي مجموع الاحداث والمحطات التاريخية التي يصنعها اعلام وشخصيات يدوّنون ويؤثثون حاضرنا فيما مضى من زمنهم فتصير مشتركا عموميا نعود الى تفاصيلها المضيئة ونعتبر من نكساتها وهزاتها...وتتفنن الشعوب بأفرادها ومؤسساتها في حفظ ذاكرة أيامها وتخليد اسماء من بصموا التاريخ بأفعالهم ومواقفهم التي تبلغ حد الاسطرة.
وكانت اشكال حفط الذاكرة، في القديم، تتمثل اساسا في بناء المتاحف وصقل التماثيل وانشاء الساحات العامة وبالخصوص على الذاكرة الشفوية بزخمها الحميمي وفائضها الرمزي...أما أشكال حفظ الذاكرة حديثا فتتمظهر أساسا ـ الى جانب الاشكال التقليدية ـ في التعويل على ما تقدمه التكنولوجيا من محامل الكترونية وأيقونات رقمية اين نقف على الاعمال التوثيقية وعلى الاعمال المستلهمة من من فورة الماضي ومن ذاكرة الشعوب، ومن بين هذه الاعمال المنجزات الدرامية كالافلام والمسلسلات والتي صارت تمثل شكلا مهما من اشكال التوثيق وحفظ الذاكرة وانعاشها...ولنا في الدراما المصرية والسورية واللبنانية عشرات الاعمال التي تخلد وتحيي أعلامها وتاريخها ويكفي ان نذكر اعمالا لجمال عبد الناصر وأنور السادات وأم كلثوم وعبد الحليم حافظ واسمهان ولحرب الايام الستة وناجي العلي والاجتياح الصهيوني والكثير الكثير من الاعمال التي أحيت ذاكرتنا...أما درامتنا التونسية فهي غارقة في اجترار حكايات الريف والبلدية، حيث تهدر المليارات سنويا لسيناريوهات بائسة وبسيطة وساذجة، تطالعنا حكاية أزمة النص والسيناريو بعد كل خيبة يناله المشاهد التونسي، في حين ان تاريخنا زاخر بأكثر من حدث واكثر من اسم يمكن الاشتغال عليه وانجاز عمل محترم يمكن ان يتحول الى مرجع ويكفي ان نذكر معركة الجلاء وأحداث ساقية سيدي يوسف وأحداث الخبز أو نذكر حبيبة مسيكة وصليحة والهادي الجويني والحبيب بورقيبة والدغباجي ومنور صمادح وتجربة التعاضد وفرحات حشاد ومحمد علي الحامي، الى جانب المدونة الروائية للعديد من الكتاب التونسيين التي يمكن تحويلها الى اعمال سينمائية أو درامية...