بحث هذه المدونة الإلكترونية

2008/09/24

الواقفون على الربوة


«الوقوف على الربوة أسلم...» مقولة قديمة رسّخت ذهنية الاستسلام والتواكل والهروب من المواجهة بتعلة وهم السلام والامان.مقولة قديمة جدا صارت مطية مريحة لأكثر من عشرة ملايين مواطن ومواطنة يركبها الواحد منهم بكل فخر واعتزاز ليمضي كالسهم في سبيل الغد ـ بمفهومه الكرونولوجي الضيق ـ مطمئن البال مادام واثقا من تحقيق البعد «الأرقى» لديه أي البعد البيولوجي!!! وكأن النمط الوحيد لوجود التونسي (اكثر من ثمانين بالمائة على الاقل) ومشاركته في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية هو الاستهلاك البيولوجي وعلك الوقت كما يعلك الجمل الكلأ!!!
فالموظف يمضي ما توجب عليه من ساعات عمل لا بعقلية المساهمة والاضافة وانما للتخلص من ثماني ساعات عمل ذلك ان اغلب موظفي الوظيفة العمومية يجيدون جيدا استنباط الحيل والمبررات للتملص من أدائهم واتمام واجبهم المهني هذا فضلا عن قناعتهم الراسخة بأن وظائفهم اميتازات وليست واجبا وطنيا تفرضه سيرورة البلاد وصيرورتها التاريخية، وهو ما يشرّع لأغلبيتهم الساحقة انتهاج سلوك المعاملات الخاصة والمحاباة والتي صارت تمثل مورد تمعش مواز للوظيفة بل ان مدخولها صار يفوق لدى العديد من الاداريين أجورهم الرسمية...والاستقالة او الانهزام والصمت صار تيمة «المثقف» بعد ان تخلى عن دوره الطلائعي وصار اغلب المثقفين كالدجاج يبحث عن حبات القمح المتناثرة في الأمسيات والندوات والتظاهرات وغيرها من الولائم الادبية... ولم يعد احد معنيا بالرؤية الجماعية والمشروع الوطني فيما يخص الثقافة بل الكل يتنازع وجوده على ساقيه بمفرده سواء كان في السينما او المسرح او الفكر او الموسيقى...وكذا المجتمع السياسي والمدني تناثرت حباته على أديم المواعيد المألوفة والمكرورة لتصبح التحركات والنضالات بطاقات وجود واشعار بالحياة لا اكثر ولا أقل...أراهم جميعا، اولئك الثمانين بالمائة من المجتمع التونسي منحشرين فوق ربوة صغيرة يتدافعون ويتصايحون كل يوم رافعين شعار الامان والسلم ماداموا رابضين يعدون ايامهم فوق ربوة السكر المطوّقة بمياه هادرة من كل مكان...