بحث هذه المدونة الإلكترونية

2008/02/05

حوار مع باعث قناة حنبعل التونسية العربي نصرة:


التعددية الإعلامية هي محكّ الشفافية والنزاهة الإعلامية
لن نضيف جديدا للقارئ إذا قلنا أن القناة التونسية حنبعل أحدثت رجّة هائلة ـ وفق عبارة بول ريكور ـ في المشهد الإعلامي الوطني والإقليمي، ذلك أن القناة منذ انبعاثها سنة 2005 اخترقت الأفق الأحادي الذي كان جاثما على المشاهد التونسي من جهة، ومن جهة ثانية كسبت ثقة نفس المشاهد من خلال تغلغلها اليومي بصفة مباشرة في تلافيف المعيش التونسي وصميم الحراك الاجتماعي والاقتصادي والثقافي.
يمكن الإقرار، بعد ثلاث سنوات، بأن حنبعل صنعت لنفسها شخصية مستقلة بذاتها ذات خصوصية ومميزات اجتهدت أسرتها الإعلامية والإدارية وعلى رأسها باعثها التونسي العربي نصرة، في تطويرها والحفاظ عليها، بل وجعلها مرجعا لغيرها من الفضائيات التي صارت تستنسخ من قناة حنبعل بعض طرائقها وأساليبها في التنشيط وإدارة البرامج وحتى في الاختيارات والضيوف.
ورغم ما تعيشه قناة حنبعل من ضغوطات وعراقيل غير مبررة ـ مثلما صرّح صاحبها ـ فان القناة لا تزال قائمة الذات، تسير بنفس النسق والإصرار في نهج الاختلاف والإضافة الذي اختارته منذ بدايتها، بل هي وصلت إلى مرحلة الرشد والنضج ولا أدل على ذلك من المولود الجديد الذي سيرى النور يوم 13 فيفري 2008 المتمثل في قناة جديدة ستكون بمثابة فاتحة لباقة كاملة من القنوات، كشف لنا السيد العربي نصرة تفاصيلها ضمن هذا الحوار الذي خصّنا به:
* تطفئون يوم 13 فيفري 2008 الشمعة الثالثة لقناة حنبعل، فهل أنتم راضون عمّا حققتموه؟
ـ كان من المفترض أن نطفئ الشمعة الرابعة لان ترخيص القناة تأخر مدة سنة كاملة، ولكن اعتقد أن ذلك كان في صالحنا، (رب نافعة ضارة) فقد انطلقنا بشحنة كبيرة من الحماس والاتقاد لم تخب إلى الآن وهو ما يجعلني أقول بكل ثقة في النفس إن نجاح القناة التونسية حنبعل فاق حتى توقعاتي الشخصية. ونجاحنا تحقق بفضل إيماني بالمشروع و «هوسي» لخدمة تونس وشعبها وكذلك بالألفة الأسرية وشفافية التعامل بين أفراد الأسرة من تقنيين وإعلاميين وإداريين، وأيضا من الدعم الذي لقيته شخصيا من رئيس الدولة ومن المشاهد التونسي في كل شبر من البلاد الذي برهن على وفائه الدائم لقناة حنبعل وصار يتغنّى باسمها في الملاعب ويستقبلها في الأرياف والمداشر والقرى النائية بالحب والتبجيل.
في عيد ميلادنا هذا أقول أن الرأس المال الرمزي الذي كسبناه أنسانا كل ما صرفته من رأس مال مادي زائل بطبعه.
* ولكن نجاحكم هذا كان محفوفا بالمخاطر فيما أعتقد؟
ـ بالفعل، نجاحنا كان محفوفا بعدة مخاطر وعراقيل وصعوبات ويمكنني أن أصنّفها إلى نوعين:
أولا، صعوبات ومخاطر فرضتها علينا طبيعة المرحلة التي أنشأنا فيها القناة، فالبلاد عاشت 40 سنة على صوت واحد وصورة واحدة انفردت بها قناة تونس 7، فكان من العسير علينا كسر هذا المشهد الأحادي واختراق الحدود، ومع ذلك جازفت وغامرت وزرعت فكرتي في الأرض وللحقيقة أقول أني لم أفاجأ عندما أثرنا القلق لدى الخاملين وأربكنا سُباتهم الطويل رغم محاولات تثبيط عزائمنا، رغم أننا لم نقم بثورة، فقط جسّدنا مفهوم الاختلاف والمغايرة، حيث خلقنا مناخا مغايرا حرّكنا به المشهد الجامد.
وثانيا، صعوبات وعراقيل خارجية تمثلت بالأساس في قلة التعاون الخارجي وفي عدم المساندة من اغلب الأطراف مثل مكاتب الدراسات التي لم تعطنا فرصة لنكبر ونتماسك، وها نحن نكبر ويصلب عودنا يوما بعد يوم وهذا بشهادة الجميع، وأود أن أقول من هذا المنبر إننا برهنا على التزامنا مع طموحنا المشروع أولا وثانيا برهنا على التزامنا بالثقة والدعم اللذيْن منحنا إياهما سيادة رئيس الجمهورية.
إن كانت الصعوبات المالية التي تجاوزناها في البداية ومازلنا نحاول إلى اليوم تجاوز المحدث منها فان الأخطر من المالي هو الذهنيات «الـمُعقدة» والعقول الجامدة والسلبية التي لا تؤمن بالاختلاف والتعددية وهي ذهنية منتشرة بشكل كبير ـ للأسف ـ لدى العديد من المسؤولين في بلادنا، ولا أدل على كلامي من الإحصاء المضحك الذي قامت به مؤخرا إحدى مؤسسات الإحصاء غير الموضوعية وهي حكاية علم بها القاصي والداني.
* اعتقد أيضا سيد العربي نصرة أن هناك عدة مشاكل أخرى تواجهكم في علاقة مثلا بالتقنيين وبالإرسال وانقطاع البث وغيرها؟
ـ بالفعل مازلنا نواجه العديد من المشاكل غير المبررة بالمرة وهي كما قلت لك نابعة كلها من عقلية الحسد وتثبيط العزائم، ولكن أقول للجميع انني اكبر من عراقيلكم وان أسرة حنبعل بلُحمتها وتآلفها لا تنـظر إلا إلى مستقبلها الذي هو جزء من مستقبل تونس الإعلامي، ومن دون تفصيل تلك العراقيل سأذكرها لك وللقراء مُجملة، وأهمها أن قناة تونس 7 لم تتعاون معنا عندما التجأت لها لتمكيننا ببعض التقنيين، وكذلك تهديدنا من قبل ديوان الإرسال التلفزيوني بقطع البث إذا لم ندفع المبالغ الخيالية لتأمين البث، وبالفعل قطع علينا الديوان البث أكثر من مرة لعل اخرها تلك التي دامت سبع ساعات متواصلة في حين لم ينقطع الإرسال عن تونس 7 إلا ساعة واحدة فقط فهل يُعقل هذا !!!
كما أن قناة حنبعل غير معفاة من الضرائب وهو ما يناقض قوانين البلاد وأغرب من ذلك مطالبتنا بأتاوة أو جزية للدولة وهي بدعة لم نسمع عنها في آي بلد في العالم بقاراته الخمس!!!
* كيف عملتم لتجاوز هذه الصعوبات؟
ـ تجاوزنا لهذه العراقيل لم ينته وإنما هو عمل مستمر ودؤوب وميزة هذه الصعوبات أنها غذّت حماسنا أكثر لنضمن رأسمال رمزيا بالأساس تمثل في تكوين 250 إطارا تقنيا شابا متمكنا من آليات العمل المتطورة، العراقيل تجاوزناها بدفع مستحقات شركة عربسات لكامل سنة 2008 ... تجاوزناها أيضا بصرف زهاء 20 مليارا من جيبي الخاص، ونتجاوزها يوميا بآلاف رسائل الشكر التي تصلنا من المشاهدين وببرقيات التشجيع والمؤازرة العفوية من البسطاء الذين لا تنخر عقولهم سوسة الحسد...
* ماذا عن مشروعكم الإعلامي الجديد؟
ـ نعم، بعد أيام قليلة وتحديدا يوم 13 فيفري 2008، يوم عيد ميلاد قناة حنبعل، سنطلق قناة جديدة أسميناها «حنبعل الشرق» وهي قناة مختصة في بث المسلسلات موجهة لجمهور الشرق والخليج، وسنبث أعمالا من عدة دول عربية وأجنبية تمت دبلجتها وقد كان اختيار الاسم مقصودا لأن اكتساح بعض القنوات فضاءنا المغاربي مثل الجزيرة المغاربية و «MBC» المغاربية دفعنا لاكتساح الفضاء المشرقي فنكون بذلك سباقين في هذا الميدان وهذا الاختيار. وستكون قناة «حنبعل الشرق» اللبنة الأولى من مشروع مستقبلي يتمثل في فتح مجموعة من القنوات المختصة في الثقافة والموسيقى والرياضة وهي كلها تستظل بمظلة القناة الأم حنبعل.
* هل سيتابع جمهور الشرق أعمالا تونسية على القناة الجديدة؟
ـ هذا سؤال يمكن أن تجيبك عنه الدوائر المسؤولة أما أنا فأرجو من كل قلبي أن أروّج أعمالنا الدرامية في منطقة الشرق بالشكل الأنسب. وبالفعل فقد طلبت من بعض المسؤولين تمكيني من عدة أعمال تونسية لاقت نجاحا هنا، وقد طلبت تلك الأعمال بمقابل مادي، تصور أنني سأدفع مالا من جيبي الخاص لترويج أعمالنا الدرامية ومع ذلك مازال المطلب معلقا إلى اجل غير مسمى وأقول لكل مسؤول سيطالع هذا الحوار أني إلى الآن انتظر إجابتكم فان كانت بالموافقة فاني سأبذل قصارى جهدي لبرمجة مسلسلاتنا في أوقات الذروة لدى المشاهدين وبشكل يومي ومدروس وان كانت الإجابة بالنفي فإني أيضا أقول بكل أسف إن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها.