بحث هذه المدونة الإلكترونية

2007/12/18

لولا خمسون والجدارية


«أيام قرطاج المسرحية ليست مركضا للخيل».
بمثل هذه الجملة برّر ـ أو علّل ـ السيد محمد إدريس مدير الدورة الثالثة عشرة لأيام قرطاج المسرحية، إلغاءه للجوائز والمسابقات ولعدّة امتيازات أخرى كانت ترتقي بهذه الأيام من يوم لآخر ومن دورة لأخرى…
هذه التظاهرة التي اختتمت فعالياتها يوم السبت الفارط الموافق للثامن من ديسمبر 2007 أجّجتْ في صدور المهتمين نارا، وتركت ـ إلى الآن ـ ألْسُن المسرحيين تتدلّى بنقاط الاستفهام والتعجّب والاستغراب....
كتب الصحافيون وأذاع الإعلاميون وصرّح أهل الاختصاص فأجمعوا كلهم على أن الدورة 13 لأيام قرطاج المسرحية حققت فشلا ناجحا ومتميزا... لولا...
المشهد العام لم يختلف عن السابق: مسارح عجّت بالمتفرجين... دعوات وشارات دخول... معلقات ويافطات... ومضات اشهارية ومتابعات... عروض في الشوارع وأعمال فوق الخشبات... افتتاح واختتام وضيف مبجّل اسمه محمود درويش... مراسلون أجانب ومتابعات فوريّة بالصوت والصورة.. نشرية يومية وأخطاء مطبعيّة،، تزاحم أمام الأبواب وكراس شاغرة... الديكور والتزويق والألوان والأضواء والبهرج لم يتغير ووحده الوفاض جاء خاويا باهتا شاحبا كعادتنا التي جُبلنا عليها في أكثر من تظاهرة ومهرجان...
قد يكون لغياب الجوائز والمسابقات دور كبير في ما آلت إليه هذه الدورة صاحبة شعار إرادة الحياة...وقد يكون لغياب الندوة الفكرية واللقاءات المنظّمة دور كذلك في الإجماع الذي خرج به الجميع من مختلف فضاءات العروض... ولولا عرض «خمسون» التونسية و "جدرايّة"الفلسطينية و "قبلة الموت"البلجيكية، وهي الأعمال المسرحية التي أجمع كل من تابعها على نوعيتها وقيمتها العاليّة التي خففت من وطأة الشعور بالإحباط الذي كان يصاحب المشاهدين كلما شاهدوا عملا آخر، لولا هذه الأعمال الثلاث لحققت الدورة 13 لأيام قرطاج المسرحية فشلا تاريخيا لن ينساه الشارع التونسي بسهولة..غابـــت إذن حوافـــــــز الإبداع والتشجيــــع وغــــاب حتّــى تقييم الأعمال (L'évaluation) وكأن المسألة اعتباطيّة، عُروض لمجرّد العرض فمرّت الدورة مرور الكرام.. ولم يبق بذهن كل من تابع الفعاليات إلاّ التصديق بأن الإيهام بالنجاح لا يعني النجاح وأن الفشل مهما حاولنا أن نخفيه أو نداريه ونحجبه سيبقى دائما فشلا.